الإسلام دين الله إلى البشرية جمعاء، وهو يدعو إلى الرحمة والتسامح والمساواة، والأصل في الإسلام السلام، فليس فيه ما يعرف بالحرب الدينية المقدسة، لأن الإسلام ينكر أية حرب دينية، فالإيمان في الإسلام تصديق قلبي يبلغ مرتبة اليقين، وهو سر بين المؤمن وبين خالقه، لا يتأتى إلا بالعلم والإقتناع، ولا يمكن أن يكون الإيمان ثمرة من أي لون من ألوان الإكراه، لهذا قرر القرآن الكريم القاعدة المحكمة: {لا إكراه في الدين... } [البقرة:256]، فقد نفى القرآن أن يكون هناك دين أو تدين، عن طريق الإكراه، إذ إن الإكراه يثمر نفاقا، وهو أخطر من الشرك، والكفر البواح، ولا يمكن أن يثمر عن إيمان.
¤ مفهوم الجهاد في الإسلام:
قد خلط أعداء الإسلام بين الجهاد الإسلامي، وبين مصطلح الحرب الدينية المقدسة، الشائع في اللغات الأجنبية، وهو أثر من آثار سوء فهم الإسلام، أو سوء النية في تصوير الإسلام، وتشويهه والادعاء عليه زورا وباطلا، بأنه دين يحث على العنف، وإستعمار الشعوب.
فالجهاد في الإسلام، معناه بذل الجهد، وهو ينقسم إلى قسمين أحدهما: جهاد النفس، وثانيها الجهاد بمعنى الحرب المشروعة، ومن المعروف في الإسلام أن الفرع الأول يطلق عليه الجهاد الأكبر، الذي ينصب على محاربة الإنسان لنوازع الشر، والتغلب على أهوائه، وتطهير النفس من الحسد والشر، وكراهية الآخرين، حتى يكون أهلا للقرب من الله سبحانه وتعالى، أما النوع الثاني من الجهاد فيطلق عليه الجهاد الأصغر، بمعنى الحرب المشروعة، وهي حرب دفاعية، هدفها رد العدوان فقط، فقد أذن الله للمسلمين بقتال أعدائهم الذين إعتدوا عليهم، كما جاء في القرآن: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا... } [الحج:39]، وأنه على الرغم من الإذن بالقتال دفاعا عن النفس، فأن القرآن يحذر من مجاوزة الحد في ذلك إلى الإعتداء، فالله لا يحب المعتدين، {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم... } [البقرة:194]، فالإسلام لا يحبذ القتال وإراقة الدماء، فالأصل في الإسلام السلام والإستثناء هو القتال لرد العدوان، ولا يجيز الإسلام البدء بالعدوان على الآخرين، فهذا أمر مرفوض إسلاميا، وليس له سند في الإسلام، فالجهاد يعني الحرب الدفاعية، وهو لا يقتصر على القتال، فقد يكون الجهاد بالمال أو بالنفس، أو بالفكر، أو بأية وسيلة أخرى من شأنها رد العدوان في كافة أشكاله وصوره.
والهدف حماية المجتمع الإسلامي والدفاع عنه، وعن عقيدته التي يؤمن بها، فالإسلام يدعو إلى التعايش السلمي، مع الآخرين، وإقامة علاقات طيبة مع الآخرين، ما داموا لا يعتدون على المسلمين، ومن هنا يتضح لنا هدف الإسلام، فهو يدعو إلى نشر السلام، والتسامح بين الناس جميعا، والتعاون فيما بينهم، من أجل سعادة الإنسان وإستقراره.
الكاتب: عيد صلاح.
المصدر: موقع رسالة الإسلام.